منذ الإعلان عن قبول المحكمة العسكريّة الدفوع الشكليّة المُقدّمة من وكلاء عامر الفاخوري، لم تتوقّف الإتهامات التي توجه إلى "حزب الله" بغضّ النظر عن الموضوع، إنطلاقاً من قرب رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبدالله من الثنائي الشيعي، بالرغم من البيان العالي اللهجة الذي صدر عن الحزب تعليقاً على قرار المحكمة.
في الساعات الماضية، سعت الكثير من القوى السياسية إلى محاولة التصويب على الحزب إنطلاقاً من هذه النقطة، على قاعدة أنّ هناك صفقة ما حصلت مع الولايات المتّحدة، تقضي بالإفراج عن الفاخوري، الأمر الذي تنفيه مصادر مطلعة في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، بشكل مطلق، فما حقيقة ما حصل؟.
تؤكد هذه المصادر أن الضغوط الأميركيّة لم تتوقّف منذ اللحظة الأولى لتوقيف الفاخوري من قبل الأمن العام اللبناني، وتشير إلى أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم يكن بعيداً عن هذه الضغوط، ولاحقاً باتت واشنطن تضغط بشكل مباشر على بعض القوى السّياسية قبل أن تصل الضغوط إلى القضاة بشكل مباشر.
في هذا السّياق، تكشف المصادر نفسها عن التواصل مع "حزب الله" من قبل بعض القوى السّياسية أكثر من مرّة في هذه المسألة، إلا أنّها توضح أن التواصل لم يكن على قاعدة أنّ هناك عميلاً من المفترض إطلاق سراحه، بل على أساس الضغوط الأميركيّة على البلاد التي وصلت إلى حدّ التهديد بفرض المزيد من العقوبات، لكنها تشدّد على أنّ جواب الحزب كان دائماً واضحاً بأن هذا الملف خط أحمر لا يمكن التهاون فيه بأيّ شكل من الأشكال، وبالتالي المنتظر من القضاء اللبناني هو حكم قاس لا غير، لأنّ أي أمر آخر هو اساءة للشهداء والجرحى والأسرى وعوائلهم.
وتشير المصادر المطّلعة في قوى الثامن من آذار إلى أنّ جميع الموفدين الأميركيين طرحوا هذا الأمر مع المسؤولين اللبنانيين، بالإضافة إلى السفيرتين الأميركيتيين السابقة إلزابيت ريتشارد والحالية دوروثي شيا، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن مكانة الفاخوري لدى الإدارة الأميركيّة وأسباب الإهتمام به إلى هذا الحدّ.
في خلفيّة الموقف المتشدّد الذي كان يبلغه "حزب الله" إلى جميع مراجعيه في هذه المسألة، بحسب ما تؤكّد هذه المصادر، عودة إلى ما حصل في ملفّ العملاء في العام 2000، حيث كانت الأحكام المخفّفة التي حصل عليها هؤلاء حينا سبباً لإستمرار بعضهم في التعامل مع إسرائيل لاحقاً، وتزويدهم تل أبيب بمعلومات أدّت إلى إستشهاد مواطنين لبنانيين خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، في حين أنّ كل محاولة لتعديل القوانين كانت تبوء بالفشل.
في هذا الإطار، تكشف المصادر نفسها أن رئيس المحكمة العسكرية تواصل مع الحزب قبل أيام من صدور قرارها، حيث أكّد وجود ضغوط يتعرّض لها، في حين أنّ جواب الحزب كان واضحاً بالرفض والدعوة إلى عدم إنهاء حياته العسكرية النّظيفة بهذه الطريقة، نظراً إلى أنّ أيّ قرار من هذا النوع هو إساءة له وللبنان، وتضيف: "على ما يبدو كانت الضغوط أكبر".
بناء على ما تقدم، تشدّد المصادر المطّلعة في قوى الثامن من آذار على أنّ الحزب تفاجأ بالقرار الذي صدر عن المحكمة العسكريّة، وتسخر من عبارة أن الحزب يحكم لبنان ولا يمكن أن يمرّ قرار من هذا النوع من دون علمه، وتؤكّد أنّه لو كان الأمر كذلك لكن الوضع مختلف في الكثير من الأمور، أقلّها العلاقات اللبنانية السوريّة.
وعلى الرغم من تأكيد المصادر أن السياسة حاضرة بقوّة في هذا الملفّ من اليوم الأول، ترفض الكشف عن هويّة القوى السّياسية التي تواصلت مع "حزب الله"، لكنّها تشير إلى أن الحزب موقفه عنوانه الأساسي أن رئيس المحكمة العسكرية يتحمّل المسؤولية المباشرة عن القرار المتّخذ في قضية الفاخوري، الأمر الذي يفسر التصويب عليه بشكل مباشر، لا سيّما من قبل هيئة الأسرى المحرّرين، التي قد تكون في طور تنظيم إعتصامات أمام منزله.
في المحصّلة، تجزم هذه المصادر بعدم وجود أي صفقة مباشرة أو غير مباشرة مع "حزب الله" في ملف الفاخوري، وتؤكد أن ما حصل هو تجاوب من الجهات اللبنانية المعنيّة مع ضغوط الولايات المتحدة، التي تحدّثت عن وضع شخصيّات معيّنة على لوائح العقوبات الأميركيّة.